لقد كان أهل الفن موجودين حاضرين عبر التاريخ الإنساني وفي كل العصور، لكنهم لم ينشئوا حضارة ولا نهضة ولم يرفعوا أمة ولم يبنوا جيلا ذكر بخير من قبل الأجيال التالية، بل كانوا دائماً مصدر تعطيل للأمة.
يقال هذا الكلام تزامنا مع افتتاح مهرجان الفيلم المغاربي المُقام بوجدة، فبينما الغلاء والمرض والبطالة والجهل والفقر يأكل في جسد الساكنة الوجدية، نجد أموال تنفق بسخاء على هذا المهرجان وغيره فلا هو يزكي فضيلة ولا يحفظ جيبا.
وإن كنا لا نختلف من حيث المبدأ على أهمية مثل هذه الأنشطة، فان التفكير السليم والمنطق القويم يفرض علينا أن نحدد سلم الأولويات ونتساءل عن القيمة المضافة من هذا المهرجان خاصة في ظل الوضعية المزرية التي تعرفها الجهة.
فعندما تكون فقيرا معدما مريضا لا تجد علاجا، عاطلا لا عمل لك، متخلفا، وتجد أحدهم يدعوك لكي ترقص وتغني وتشاهد أفلام سينمائية، فاعلم أنك أمام دعوة إنسان غير مهتم، أمام مستخف بك يريدك أن تبقى غائبا عن الواقع المرير الذي تعيش فيه، إنه بكل بساطة يلهو بك!
مهرجان الفيلم المُقام بوجدة وكغيره من المهرجانات، يمتص أموال كبيرة جداً وكلها تأتي من جيب دافعي الضرائب وهم الشعب طبعاً، والشعب يحتاج إلى تعليم في المستوى ويحتاج إلى الصحة إلى درجة أن على المريض يقطع مسافة 700 km إلى العاصمة لكي يتعالج من بعض الأمراض الفتاكة ويحتاج إلى وظائف لأبنائه ويحتاج ويحتاج.. لكنها لا تعطي له شيئا من هذا، إنما تعطيه رقصا وغناء وأفلام وغلاء في الأسعار!