ربورتاج صحفي من إعداد: إسراء هطهوطي، مريم الرملي، معاد صالحي، ملاك عزام–تـأطير: ذ. جواد بنعائشة
تعتبر الحياة البرية بواد ملوية إحدىعوامل جذب لعدد كبير من الطيور التي تزور الوادي من عدة أماكن في المعمورة. بحيث يبلغ عدد الطيور الوفية لهذه البقعةما يناهز[1]287نوعا، منها ما هو مستقر ومنها ما هو زائر كل سنة. ومع توالي السنوات أصبح عدد هذه الطيور يتناقص بشكل ملفت، فحسب مختصين وخبرا ء بالحياة البرية فإن هناك عدة عوامل تساهم في ذلك.
ومصب ملوية هو من المناطق المهمة ليس في المغرب فحسب، بل في العالم كذلك،ويندرج ضمن اتفاقية “رامسار” الدولية منذ 2005، وهو من بين أكبر المناطق الرطبة في العالم التي تحتضن طيورا من حيث العدد ومن حيث التنوع البيولوجي والايكولوجي.ويبلغ طوله 520كيلومترا وله مصب بشاطئ السعيدية على بعد قرابة 60 كلم عن مدينة وجدة عاصمة الجهة الشرقية بالمملكة المغربية.

طيور تختفي وأخرى لم تعد إلى واد ملوية …؟
في كل سنة تهاجر ملايين الطيور حول العالم من مناطق إلى أخرى. تتنوع أنواعها وأجناسها بتنوع وجهاتها وأسباب هجرتها، لكنها تبقى جزءا لا يتجزأ من الحياة البرية للكوكب، كما أن لها دورا أساسيا في التوازن البيئي وفي الحفاظ على السلسلة الغذائية للكائنات الحية. وكما ذُكر سالفا فإن هناك عددا كبيرا من الطيور التي تمر بواد ملوية كوجهة أساسية خلال رحلتها سواء من الشمال نحو الجنوب او العكس.
في السنوات الأخيرة، لوحظ تناقص في الطيور التي تهاجر إلى مصب ملوية ليس فقط في عددها، ولكن في أنواعها كذلك. وأسباب هجرة الطيور عديدة ومختلفة، منها ما يتعلق بالمناخ، أي هروبا من المناطق الباردة إلى المناطق الدافئة او الساخنة، او انها تهاجربحثا عن الغذاءأوالتناسل والتعشيش.

[1]طائري البشروش المائي ودجاجة السلطان بواد ملوية: صورة للسيد محمد طالبي
وقد ذُكر في إحدى الموائد المستديرة -التي نظمت هذه السنةبمناسبة تخليد اليوم العالمي للمناطق الرطبة – على أن مصب ملوية يعد “مكان للراحة أو التعشيش أو قضاء فصل الشتاء للعديد من أنواع الطيور ذات الاهتمام العالمي مثلنوارس الأزهار الرخامية وغيرها.”[2]
ومن الأسباب التي توصلنا إليها خلال إعدادنا لهذا التقرير،توالي الازمات التي أصابت مصب ملوية خلال السنوات السابقة، من قبيل اخر مشكل بيئي الذي يعود إلى 15 من يوليوز 2021، بحيث نفقت أسماك الوادي في ظروف غامضة كسابقة لم تُعْهَدْ من قبل،مما أثر على استقبال الوادي للطيور التي تعتمد على الأسماك المتواجدة به، والتي تستقر فيه من اجل العيش بما يزخر به من موارد متنوعة. وفي موقع لفرانس 24، اعتبر أن مصب ملوية له أهمية بيولوجية آيلة للانقراض رغم انه موقع جغرافي محمي،ويؤكدعلى ان ذلك يعود إلى التلوث المنبعث من إحدى محطات صنع السكر التي تلقي بفضلاتها الكيميائية في النهر. وقد أدى ذلكإلى اضرار جسيمة على السكان المحيطين بالنهر الذين يعتمدون في مجمل نشاطاتهم على مجرى الوادي للعيش، كما كان لذلك أثر سلبي للغاية على الحياة البيولوجية في المنطقة. كما تعاني مياه مصب واد ملوية من التلوث بالمياه العاتمة التي تأتي من المنشآت السكانية التي أقيمت بجانب الواديعلى حساب المنطقة الرطبة به، او من مياه الصرف الصحي للمدن المجاورة له. هذا بالإضافة على جفاف الدرع الميت لمصب واد ملوية الذي يعتبر أحد البؤر الأساسية الطبيعية التي تتوجه إليها الكائنات الحية من طيور وأسماك وغيرها.

[1]صورة رقم 03:للسيد محمد بنعطا تبين تأثير الجفاف بالدرع الميت لملوية على عدد الطيور المتواجدة به.
إن التدخل غير المسؤول للإنسان بمصب ملوية كان له أثر جسيم على صبيب الوادي وبنفس الكمية، بحيث يعتبر موردا أساسيا لسقي المساحات الزراعية بالمنطقة خصوصا بجهة بركان وراس الماء، بحيث تٌحول المياه إلى مزارعهم التي تتوزع على طول الوادي مما يستنزف قدرته ويحد من إمكانية وصوله إلى مصبه،مماأثر على الحياة البرية به وبمحيطه وكذلك وصول الطيور المهاجرة بأعداد ضئيلة. ففي الهدف 6 من الاهداف الإنمائية دعوة للحفاظ على المياه وإلى خدمات الصرف الصحي وإدارتها بعقلانية حتى تستفيد منها الأجيال القادمة من الكائنات الحية بصفتها نظم إيكولوجية تحتاج إلى الماء كوسيلة للعيش والاستمرار والإستقرار، هذا
الهدف يُعَززُ بهدفين اخرين هما: الهدف 14 الذي يحث على إدارة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية على نحو مستدام وحمايتها، والهدف 15المتعلق بالحياة البرية والذي يهدف إلى ضمان حفظ وترميم النظُم الإيكولوجية البرية والنظُم الإيكولوجية للمياه العذبة الداخلية وخدماتها.
كما أن المشرع المغربي في عدد من النصوص يدعوا إلى الحفاظ على الحياة البرية والنظام البيولوجي والإيكولوجي،وعيا منه بأهميته في حياة الكائنات بما فيها الإنسان، ومن ذلك ما “ينص عليه القانون المغربي رقم 36-15المتعلق بالماء في القسم الأول (الحفاظعلى البيئات المائية) من الفصل الثامنالحفاظعلى المياه)وعلى الحفاظ علىالتنوع البيولوجي والنظم البيئية المائية.”[1]
هل من حلول؟
في نهاية تقريرنا هذا، ارتأينا ان نساهم في أيجاد حلول من اجل استمرار واد ملوية في استقبال الطيور المهاجرة من اجل المحافظة عليه كمنطقة رطبة مهمة، لأن الأراضي الرطبة لا تشكل إلا 6 في المائة من مساحة الأرض حسب موقع الأمم المتحدة الذي أشار إلى ذلك في تقرير حول الأراضي الرطبة بأنه “على الرغم من أن الأراضي الرطبة لا تمتد إلا على حوالي 6 في المئة من سطح الأرض، فإن 40 في المئة من جميع أنواع النباتات والحيوانات تعيش أو تتكاثر في الأراضي الرطبة.”[2] مما يعني ان مصب ملوية واحد من هذه المناطق التييجب الحفاظ عليهاوالعناية بها من طرف كل الجهات المعنية. كما يمكن تفعيلالقانون الخاص بحماية واد ملوية وتضمينه بنودا تنظم استغلال مياههبشكل يتلاءم مع متطلبات الحياة الإيكولوجية به، وكذا تضمينه فصولا تجرم كل من يلوث مياهه. كما يمكن تكليف خبراء يهتمون بالحياة البرية لواد ملوية وتزويدهم بالاليات الحديثة لمساعدتهم على القيام بمهمتهم.